وسط مطالبات بعقوبات مشددة.. تصاعد الإساءة العنصرية في الملاعب الأوروبية

وسط مطالبات بعقوبات مشددة.. تصاعد الإساءة العنصرية في الملاعب الأوروبية
أنطوان سيمنيو، مهاجم بورنموث

شهدت نهاية شهر أغسطس وبداية سبتمبر الجاري تصاعداً مقلقاً في حوادث الإساءة العنصرية ضد اللاعبين السود في مختلف البطولات الأوروبية لكرة القدم، في وقت تتواصل فيه الدعوات لفرض عقوبات أكثر صرامة على المسيئين، بعد أن أثبتت الإجراءات الحالية محدودية تأثيرها في ردع هذه الظاهرة.

وتعرض المهاجم الغاني أنطوان سيمينيو، لاعب فريق بورنموث الإنجليزي، لإساءة عنصرية بعد مرور نصف ساعة فقط من انطلاق مباراة فريقه أمام ليفربول في افتتاح الدوري الإنجليزي الممتاز، وهو ما أثار استياء اللاعب وجمهور واسع من المتابعين، بحسب ما ذكر موقع "هيسبريس" المغربي، اليوم الأحد. 

وفي ألمانيا، كشف اللاعب أنتوي أديجي، مهاجم شالكه، عن تعرضه لإساءة مشابهة أثناء تنفيذه رمية تماس خلال مباراة في كأس ألمانيا.

وفي إيطاليا، دان نادي يوفنتوس ما وصفه بـ "السلوك المشين" بعدما تعرض لاعبه الأمريكي ويستون ماكيني لهتافات عنصرية خلال عملية الإحماء في إحدى مباريات الدوري المحلي، ما أعاد للأذهان سلسلة من الوقائع السابقة التي شهدتها الملاعب الإيطالية ضد لاعبين مثل ماريو بالوتيلي وروميلو لوكاكو.

اعتقالات في إسبانيا

اعتقلت الشرطة الإسبانية مشجعاً بعد قيامه بتقليد أصوات القردة وتوجيه إشارات عنصرية تجاه النجم الفرنسي كليان مبابي، لاعب ريال مدريد، في مباراة جرت يوم 24 غشت الماضي. 

وأكدت السلطات أن المشجع سيخضع لإجراءات قضائية، وهو ما اعتبره نشطاء خطوة ضرورية، لكنها غير كافية لردع آخرين عن ارتكاب مثل هذه الأفعال.

وأثار تكرار هذه الحوادث موجة غضب في الأوساط الرياضية والحقوقية، حيث يرى ناشطون أن الجهود التي يبذلها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) والاتحاد الأوروبي (يويفا) لا تزال قاصرة عن معالجة جذور الأزمة. 

وأكد لاعبون سود أن استمرار الظاهرة يعكس ضعف الإرادة المؤسسية في مواجهة التمييز العنصري. 

وقال المهاجم الغاني أنطوان سيمينيو في تصريحات لقناة "أي تي في": "في هذا العصر ما زلنا نتعرض للإساءة العنصرية، وهذا أمر غير منطقي. نتساءل فقط لماذا يستمر هذا في الحدوث؟".

ضغوط على الأندية

ألزمت الشرطة البريطانية المشتبه به في الإساءة لسيمينيو بعدم الاقتراب لمسافة ميل واحد من أي ملعب في البلاد لحين انتهاء التحقيقات. 

ويؤكد مراقبون أن القوانين وحدها ليست كافية إذا لم ترافقها عقوبات رياضية قاسية، مثل حرمان المشجعين من حضور المباريات لفترات طويلة أو خصم نقاط من الأندية التي يتكرر في ملاعبها هذا السلوك.

وشارك المدافع الإنجليزي السابق جاري نيفيل، لاعب مانشستر يونايتد ومنتخب إنجلترا، في فعالية لمناهضة العنصرية نظمتها مؤسسة "كيك أوت"، حيث دعا إلى اعتماد إجراءات غير تقليدية لمكافحة التمييز، قائلاً: "يجب أن نتعامل مع العنصرية في الملاعب بشكل مختلف، لأن الردود التي نسمعها دائماً متشابهة ولا تؤدي إلى نتيجة". 

وأشار نيفيل إلى تجربة فريقه "سالفورد سيتي"، الذي انسحب لاعبوه من مباراة ودية في يوليوز الماضي بمدينة يورك بعد تعرضهم لإساءات عنصرية، معتبراً أن مغادرة الملعب في مثل هذه الحالات قد تكون رسالة قوية تتجاوز حدود التعليم والتوعية.

ظاهرة ممتدة عبر التاريخ

تعود جذور العنصرية في الملاعب الأوروبية إلى عقود ماضية، حيث ارتبطت غالباً بخطاب الكراهية وصعود الحركات اليمينية المتطرفة، كما ارتبطت بأزمة الاندماج الاجتماعي للمهاجرين في القارة. 

ورغم الحملات التي أطلقها الفيفا واليويفا منذ سنوات، مثل حملة "لا للعنصرية"، فأن هذه الوقائع المستمرة تكشف هشاشة الإجراءات وضعف آليات الرقابة، ما يفرض ضرورة مراجعة شاملة لسياسات الأندية والاتحادات، وتوسيع دائرة المسؤولية لتشمل الحكومات والمؤسسات التعليمية والمجتمعية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية